التمريض قديم جدا فهو أقدم من الطب نفسه وقد بدأ التمريض فى فجر التاريخ كخدمة اجتماعية نشأت من الحس الغريزي الطبيعي بحماية الأسرة ورعايتها، فرعاية الأم لوليدها فى الصحة والمرض هي نوع من التمريض ومساعدة المرأة للمرأة فى الولادة وجد قبل أن يعرف الطب.
وبالرغم من أن الأهداف النبيلة للتمريض استمرت على مدى التاريخ إلا أن ممارسة التمريض تغيرت تأثرا بعوامل المجتمعات المختلفة والتطور الطبي حتى نشأ التمريض كمهنة ولها أصولها ودرجاتها العلمية ولا غنى عنها لآي مجتمع ولا يمكن ممارسة الطب بدونها فى آي وقت.
ولم تكن المجتمعات القديمة تحترم حياة البشر كما تحترمها المجتمعات الحديثة وكذلك التمريض وكل المهن المتعلقة بحياة الإنسان لم تكن تحظى بالاحترام الواجب
فاحترام التمريض كمهنة هو جزء من احترام الحياة البشرية,.احترام الإنسان وهو من أهم علامات تحضرالمجتمعات وأنت عزيزتي الطالبة تدرسيه لتعلمي كم هو عظيم هذا التاريخ وما هو واجبك للمحافظة علي مكانه الممرضة في المجتمع.
تاريخ التمريض
عندما يبحث الإنسان فى تاريخ التمريض فإنه يجد أن المهارات التمريضية قديمة جدا، ويمكن القول أن تاريخ البشرية يشبه النسيج المتداخل والمتشابك الذي لا يمكن فصل خيوطه أو معرفة بدايته أو نهايته، إن المهارات التمريضية عرفت منذ أن عرفت البشرية وقد اعتبرت الأم الممرضة الأولى التى عرفتها البشرية فقد كانت تقوم بالعناية بالوليد منذ ولادته، كما اعتنت بالمرضى والجرحى وكبار السن فى الأسرة، كما أن النساء كن يساعدن بعضهن البعض أثناء عملية الولادة وقد تفوقت بعض النساء فى المجال وتوارثت بعض النساء مهارات فى التوليد والعناية بالمرضى.
عرف الإنسان المرض وفنون الطب والتمريض منذ زمن بعيد، ولكن لوحظ عند دراسة المخطوطات التاريخية أن هذه المهارات اختلفت فى طبيعتها من الشرق إلى الغرب ويرجع هذا إلى اختلاف البيئات والحضارات وقد أبرزت المخطوطات ارتفاعها فى المهارات الطبية فى جميع الحضارات وحيث أن التمريض لا ينفصل عن الطب فلا يمكننا القول أن المريض يحتاج إلى مهارات طبية فقط ومهارات تمريضية فقط ولكنة يحتاج إلى الاثنين معا حتى يصل إلى الشفاء التام، حيث أن كثيرا من المعلومات التمريضية تعتمد فى أساسها على معلومات طبية لذلك فمن المهم عند دراسة تاريخ التمريض أن يتعرض المرء إلى تاريخ الطب أيضا.
تاريخ التمريض فى العصر البدائي
اعتمد الطب فى العصور البدائية على الخرافات والسحر وكان يعلل حدوث الأمراض للأرواح الشريرة والحسد، وبرز في الوقت بعض الأشخاص الذين لهم القدرة على مساعدة المرضى ومداولتهم وسمى هؤلاء الأشخاص بالرجل الطبيب"" وقد انعزل هؤلاء الأشخاص عن الجماعة وكرسوا جهودهم في خدمة المرضى واتسمت أعمالهم بالسحر وحاولوا التعمق فى أسباب الأمراض فهداهم تفكيرهم لإيجاد صلة وثيقة بين السحر والأرواح وظل هذا الاعتقاد سائدا على مدى دهور طويلة ولم يمكنهم التفرقة بين الطب والسحر والدين وكانوا لا يبوحون لأحد بأسرار مهاراتهم وممارستهم وقد استخدموا السحر "الأبيض والأسود" فى علاج المرضى وشفائهم من أمراضهم وأوجاعهم وأسقامهم وكانوا يحظون بمكانه طيبه بين أفراد جماعتهم وذلك لقدرتهم على تطبيب الغير.
وحيث أن الممارسات التمريضية لا تفترق عن الممارسات الطبية فقد أرجع التاريخ أن الممارسات التمريضية كانت تكلف بها الرؤساء في القبائل والمجتمعات.
ولكن بعد فترة من الزمن اتخذت الممارسات الطبية طابع ديني بحت ونظر إلى "الرجل الطبيب" بين أفراد جماعتهم على انه رجل ديني وسمى "بالقس الطبيب" وكان القس الطبيب يساعد الجماعة فى حل مشكلاتهم الدنيوية بجانب مشاكلهم الصحية والدينية وكان يرجع إليهم فى جميع الممارسات الخاصة بالحياة أو الموت وقد استخدموا فى علاجهم التدليك والكدمات الساخنة والباردة والمسهلات والمنظفات الشرجية واللبخات وكاسات الهواء.
التمريض قبل ظهور المسيحية
مارست المرأة جميع المهارات التمريضية كما قامت بأعمال الخدمة والنظافة وكانت تعتني بالمرضى والمحتاجين وكبار السن ومارست فن التوليد وقد سميت فى ذلك الوقت بالراهبة حيث أنها كانت تساعد القساوسة ورجال الدين اليهودي فى عنايتهم بالمرضى وكانوا يتخذون من المعابد مكانا لإيواء المرضى والعناية بهم كما كانت المعابد تتخذ مركزا رئيسيا للعلم والمعرفة فكان يتعلم فيها الأفراد فنون الطب والتمريض والعقائد الدينية والسحر وازدهرت فى ذلك الوقت الحضارات المختلفة ومن أمثلة ذلك:
مصر:
من أقدم الحضارات الإنسانية التي عرفت الطب والجراحة والتمريض وهى أول حضارة نقشت على الحجر في المعابد أول جراحة في المخ في التاريخ وهى عملية تربنه
الصين: (2800 ق.م)
تدل المخطوطات أن الممارسات التمريضية كانت بجانب الممارسات الطبية وقد تفوقوا فى ذلك ودونوا الكتب الطبية التى تصف الأعضاء الداخلية والشرايين ووصفوا أنواعا من الحميات والأمراض ومارسوا العلاج بوخز الإبر.
بابليون وسوريا(2100 ق.م)
اهتموا بالتمريض وتفوقوا فى استخدام العقاقير ومختلف العلاجات.
الهند(600 ق.م)
لقد أبرزوا دور الممرضة فى كتبهم وقالوا انه من المهم على الممرضة أن يكون لديها معلومات عن العقاقير واستخداماتها وأن تكون نشيطة وماهرة ومخلصة فى عملها مع المرض ظاهرة الجسم والعقل كما اهتموا بولاء الممرضة التام للطبيب.
اليونان(460 ق.م)
أرجع اليونان القدماء إلى "أبوللو" أن يكون إله الصحة والطب وفى حوالي 450 ق.م سمى اليونانيون "هيبوقراط Hippocrates" أبو الطب ويعتبر عصره من أعظم العصور فى الطب اليوناني وهو الذي أرجع حدوث الأمراض لأسباب معينة وليس السحر ووضع قوانين لمهنة الطب كما وضع قواعد صحية بني عليها طبيعي أساس الطب الحديث ويمكن تلخيص فلسفته فى أن المرض عارض طبيعي وما الظواهر المرضية إلا رد فعل من جانب الجسم وأن أهم ما يقدمه الطبيب للمريض هو رفع القوى الدفاعية فى الجسم.
ومن أهم أعمال هيبوقراط العهد الذي يقطعه الأطباء على أنفسهم عند تسلم مقاليد المهنة ولكن التاريخ لم يذكر شيئا عن التمريض فى ذلك الوقت حيث انه لا يمكن أن توجد حضارة وفنون طبية بدون فنون وممارسات تمريضية.
جامعة الإسكندرية
أنشأ بطليموس الأول جامعة الإسكندرية فى مدينة الإسكندرية وذلك فى النصف الأول من القرن الرابع قبل الميلاد ونقل إليها العلماء من جامعة عين شمس القديمة والتي تسمى جامعة "أون" كما أحضر إليها علماء من اليونان وتميزت هذه الجامعة بعلمائها وبالمكتبة العظيمة الملحقة بها.
وقد حضر إليها الطلاب من مختلف البلاد والجهات وأصبحت قبلة العلماء من أشهر العلماء الذين تخرجوا منها الطبيب الصيدلي "جالينوس" الذي نقل العلم إلى روما ومنها انتشر فى كثير من أنحاء العالم، كذلك كان من علمائها بلليموس وإقلييدس وأودياسوس وأرشميدس وقد استمرت هذه الجامعة منارة للعلم حتى العصر الحديث
التمريض فى العصر المسيحي
إن الممارسات التمريضية والخدمات الصحية نظمت فى العصر المسيحي حيث أن جميع هذه الخدمات كانت تقدم بدون مقابل للمرضى والمصابين بأمراض مستعصية والمعاقين وكبار السن والأطفال وكان الاعتقاد السائد أن خدمة المحتاج تقرب إلى الله حيث انه من واجب القوى مساعدة الضعيف كما اهتموا بالعناية بالجسم والروح واهتموا بالفقراء والمعوزين وكان من أهم الأعمال فى العصر المسيحي هو بناء بيوت تستخدم كمستشفيات للمرضى خاصة الفقراء منهم
نظام التمريض الديني
1-الديكونس
تعتبر "الديكونس"(وهو الاسم الذي أطلق علي الممرضات فى هذا العصر) من أوائل النساء اللاتي عملن بالتمريض وقد نظمت الكنائس هذه الخدمات وكان يشرف عليها الأسقف "اليشوب أولقيس" كما قاموا بالتمريض عن طريق الزيارات الصحية وهن أول من أوجدوا تمريض الصحة العامة وكان من مسئوليات الديكونس تقديم خدمات تمريضية للمرضى فى بيوتهم وقد أوجدت الكنيسة ميزانية ماليةخاصة لهذه الخدمات وقد كانت الديكونس من النساء ذوات السمعة الحسنة ومن الأغنياء كما كن ينتمين إلى أسر ذات نفوذا وقوة وكن إما أرامل أولم يسبق لهن الزواج وكانت من خدماتهن توجه للمرضى والفقراء والمحتاجين وكان حب الله قبل حب إنسان هو الوازع والدافع للتصدق والعطف على المحتجين.
وأعطيت للراهبات والأرامل مسئولية رعاية المرضى والفقراء وذوى العاهات ورعاية الأطفال والمسافرين *وفى القرن الثاني عشر أثناء الحروب الصليبية ظهر نظام التمريض فى الجيش وأهمها نظام الفرسان بالقديس سان خون فى القدس وكان لهذا النظام فى التمريض فروع مختلفة فى جميع البلاد المسيحية وأنشئوا أول مستشفى فى القدس ثم فى رودوس ومالطة ومارس الرجال التمريض فى ذلك العصر.
2-"الأخوات الصالحات أو الراهبات
ومن أهم أنواع التمريض الديني نظام "الأخوات الصالحات أو الراهبات" الذي وجد فى فرنسا فى القرن السابع عشر الميلادي ومن أشهر هذه الفئة من الراهبات اللاتي عملن فى *كاتدرائية نوتردام سنة 1443م باسم القديس مان أغسطس وكن يقمن بالخدمة والتنظيف بجانب الخدمات التمريضية وكن يمارسن العبادات الدينية ويشرفن عليهن القساوسة.
سان فنسان دى بول
(1576 - 1770 م) كان سان فنست دى بول قسيس فرنسي وقد اهتم اهتماما بالغا بالأعمال الخيرية وخاصة التى توجه للخدمات التمريضية فى المستشفيات والمنازل وقد جمع بعض السيدات اللاتي يرغبن فى العمل الخيري للقيام بهذه الخدمات وأشرف عليهن ولتخذ أحد المنازل لتدريب الفتيات على الأعمال التمريضية وعلمهن مبادئ الكتابة والقراءة والحساب وقد ساعدته فى هذه المهنة إحدى الآنسات وهى مدموزيل "ليجرا" وقد اعتبرت الأخوات الخيرات أول من أوجد الخدمات التمريضية كخدمة تقدم للمجتمع *وأول من نادى بأهمية الدور التطوعي فى تمريض المرضى فى المستشفيات والبيوت وكبار السن وفى ساحات الحروب وقد انتشر هذا النظام التطوعي فى التمريض فى كثير من البلدان وكان من بعض مسئوليات القائمين به جمع تبرعات للكنيسة حيث أن الكنيسة كانت تقوم برعاية المحتاجين.
أهم الشخصيات التى اشتهرت فى هذه الحقبة من الزمن
غوب
وهى إيطالية الأصل وكانت أول ديكونس قامت بخدمات تمريضية.
غابيولا
كانت لديها ثروة طائلة وهى أوجدت أول مستشفى بروما، وقد كرست مجهودها لخدمة الفقراء والمرضى
بولا
كانت صديقة لغابيولا وهى سيدة غنية وقد أنشأت مستشفيات اللاجئين والمسافرين فى طريق القدس كما كانت تقدم لهم خدمات تمريضية.
أوليمبياس
كانت أوليمبياس غنية وبذلت جهدها فى خدمة المرضى والفقراء واللقطاء وكبار السن.
العهد المظلم فى تاريخ التمريض
نتيجة للحروب بين الشرق والغرب فتحت مجالات واسعة للتجارة واستغلت الثروات فى هذا المجال وبدأ الاهتمام بالخدمات العامة والأعمال الخيرية فى الاضمحلال وفى عام 1405 م وجد الملك هنري الثامن أن الكنيسة تمتلك تقريبا ثلث إنجلترا واتسع نفوذها واستقلالها عن الدولة ولذا رأى الملك حفاظا على ملكه أن يوقف نشاط الكنيسة ويستولي على ثروتها وبالرغم من دور الكنيسة الملحوظ فى رفع مستوى التعليم والخدمات لتلك الفتيات فقمن بأداء الخدمات التمريضية التى تعتمد على العلم والمعرفة وروح التضحية وإنكار الذات وأوقف النشاط الخيري للسيدات اللاتي كن يمثلن مستوى اجتماعيا مرتفعا وبدأ فى الاستعانة ببعض الفتيات والسيدات الغير مدربات واتسمت أعمالهن بالطابع الخدمي ولم يعد ينظر إلى التمريض كخدمة محترمة ولم يعد يجذب النساء من الطبقات العليا أو المتوسطة هكذا تدهور مستوى الخدمة التمريضية فى المستشفيات واستمر هذا الحال من القرن التاسع عشر، وبالرغم من سوء الحالة بالنسبة للتمريض فقد ازدهرت العلوم الأخرى ومنها الطب والعلوم والجراحة.
وقد بدأ النهوض بمستوى التمريض فى منتصف القرن التاسع عشر حيث ظهر قس آلماني يدعى "ثيادور فلدنر" فى عام 1836 م بمساعدة زوجته فردريكا بإنشاء مستشفى وبدأ فى اختيار بعض الفتيات من ذوات الأخلاق الحميدة والسمعة الحسنة ودربهن على المهارات التمريضية وابتداء من ذلك العهد أحي نظام الديكونس ثانية وقد سميت هذه المستشفى "بالكيزروارت" وكانت تقوم بعلاج المرضى بجانب تعليم الفتيات وتدريبهن على التمريض للمرضى فى المستشفيات والمنازل وقد أعطيت للفتيات بجانب تدريبهن العملي بعض المحاضرات فى آداب المهنة وبذلك يعتبر هذا أول نظام تدريبي للفتيات فى مجال التمريض كما تعتبر المحاضرات التى أعطيت من فلدنر وزوجته أول مذكرات فى التمريض.
فلورانس نايتنجيل
NightingaleFlorence
1820 - 1910 م
ولدت فلورنس نايتنجيل فى بلدة فلورنسا بإيطاليا عام 1820 م وكانت من عائلة غنية تؤمن بتعليم المرأة وتعتبر فلورنس نايتنجيل أول من وضع قواعد للتمريض الحديث ففي عام 1851 تعلمت التمريض فى مدرسة الكايزروارت وهى أول من وضعت أسس لتعليم التمريض وكانت تؤمن بأهمية وضرورة وضع برامج لتعليم التمريض وبرامج لتدريس آداب المهنة وأن تكون هذه البرامج فى أيدي نساء مدربات وعلى أخلاق عالية يتحلين بالصفات الحميدة كما أنها أول من وضعت مستويات للخدمات التمريضية والخدمات الإدارية فى المستشفيات وقد وصفت فلورنس نايتنجيل الممرضة فى مذكراتها بالصفات التالية
إن الممرضة يجب أن تبتعد عن الأقاويل والإشاعات
ولا يجب أن تتحدث عن مرضاها أو أسرارهم
كما يجب أن تكون أمينة على مرضاها
ولا تتأخر على المرضى عند تنفيذ طلباتهم حيث أنهم يضعون حياتهم بين أيديها
; ويجب أن تكون دقيقة الملاحظة رقيقة المعاملة حساسة لشعور الغير
وقد اهتمت فلورنس بالنظافة وقواعد التطهير، وكما اهتمت بتمريض الصحة العامة فى المجتمع وقد تطوعت فلورانس نايتنجيل فى حرب القرن عام 1854 م وقامت بتمريض الجنود فى الجيش، ونتيجة لمجهوداتها فى الحرب تبرع لها الشعب الإنجليزي بالنقود لتنشئ مدرسة لتعليم الممرضات فى مستشفى سان توماس St.Thomas’s Hospital بإنجلترا وكانت فلورانس تنتقى طالباتها بدقة، ومنذ إنشاء مدرسة فلورانس نايتنجيل اعتبر التمريض مهنة يجب التدريب عليها ووضع خطة تعليمية لها، وكذلك اعتبرت أن التمريض فن وأن الممرضات لا يتعاملن مع رخام أو حجارة ولكنهن يتعاملن مع آدميين أحياء لهم احتياجات ولهم شخصيات وطباع مستقلة وكان من ضمن عباراتها عن التمريض "أن التمريض يمرض أجساما حية وأرواح"
التمريض فى العصر الإسلامي
كان الطب من العلوم التى اهتم بها العرب.وقد كان من استخدم التخدير كوسيلة لتخفيف آلم المريض، وقد أطلقوا عليه اسم "المرقد" كما كانوا أولمن استخدم الكاويات فى الجراحة، ويذكر التاريخ أن الأطباء العرب أول من كتب فى الجذام وخصصوا له أماكن بالمستشفيات من منذ القرن السابع الميلادي.
وكانت المرأة العربية فى صدر الإسلام لها فضل كبير فى ميدان الإسعاف والتمريض فقد لعبت بعض نساء العرب أدوار سجلها مؤخرا الطب العرب منذ فجر الإسلام فقد تطوعت بعض الصحابيات المؤمنات فى غزوات الرسول بقصد خدمة المجاهدين والعناية بمرضاهم ومداواة جرحاهم رغبه فى ثواب الجهاد عند الله بجانب واجبهن الأصلي كربات بيوت يقمن بتربية أطفالهن ورعاية أزواجهن، قد سماهن العرب "الآسيات أو الأواسى" ومعناها المشاركة الوجدانية، وكن يصاحبن المجاهدين ويحملن أواني المياه وما يحتاج إليه الجريح من أربطة وجبائر وغير ذلك من أدوات الإسعاف المعروفة وقتئذ ليسعفن الجرحى ويضمن جروحهم ويجبرن كسورهم أثناء المعارك وبعهدها وفى العصور المزدهرة للحضارة الإسلامية نقلت من الحضارات المصرية القديمة واليونانية والسريانية والهندية علوم كثيرة منها الطب وتعلمت المرأة العربية الكثير من أصول هذه العلوم ومارست الخدمات الطبية على أسس علمية سليمة.
وكان النظام المتبع فى توزيع الممرضات المتطوعات فى غزوات الرسول على أحسن ما يكون من النظم الإدارية المتبعة فى وقتنا هذا حيث كان يتم توزيع المتطوعات فى الغزوات فى مؤخرة التشكيلات يحمين بعض الأفراد من المجاهدين المختارين لحماية ظهر المسلمين، ومع ذلك فإذا استطاع أحد أو بعض جنود الأعداء التسلل إلى مقربه من مراكز المتطوعات كانت المتطوعة تقوم بالدفاع عن نفسها ولو بأعمدة الخيام.
وكانت كل قبيلة تشترك فى غزوة مع الرسول تجتمع متطوعات منها فى مجموعة أو أكثر لخدمة المجاهدين وإخلاء أرض المعركة من المصابين، وكان هذا الارتباط القبلي عاملا هاما لتيسير تعرف المجاهدين للمتطوعات وتعرف المتطوعات على المجاهدين وفى ذلك أمن وآمان وتأمين للمجموعات وتسهيل للخدمات الطبية عموما فى حروب سلاحها السيف يتقابل فيها المتحاربون رجالا وفرسانا.
وكان النظام المتبع قبل اشتراك النساء فى الحروب كمتطوعات للتمريض أن يأذن لهن الرسول ولابد من هذا الإذن لتكون القيادة على علم المتطوعات فتجيز ذوات الأهلية وتختار لهن المكان المناسب وتقدم لهن ما يلائم من الحماية والتموين، وكان يقود كل مجموعة من المتطوعات إحدى أمهات المؤمنين. من هذا نجد أن الجهاز التنظيمي للخدمة الطبية كان يقوم على أسس إدارية سليمة تشابه النظام المتبع وقتنا هذا فى الحرب والسلم.
وكانت الممارسة الفعلية لأعمال الطبيب والتمريض تؤدى على أسس علمية سليمة فقد روى عن الرسول حين أصيب سعد بن معاذ بسهم فى ذراعه أدى إلى نزيف أن قام الرسول بكى مكان النزيف بنصل سهم محمى على النار ومعروف أن الكي وسيلة لإيقاف النزيف وروى أن رقية الأنصارية حينما جرح سعد بن معاذ نتيجة إنغراس سهم فى صدره أقرت ألا تسحب السهم المستقر فى صدره حتى لا يستمر النزيف بل تركته ليكون سدا يمنع المزيد من النزيف وكانت تستعمل بعض المواد الكيماوية فى إيقاف النزيف.
وفيما يلي بيان لبعض الصحابيات اللاتي اشتركن فى غزوات الرسول ودور كل منهن.
أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها خرجت مع أم سليم فى غزوة أحد مع الرسول وفى غزوات أخري، وقامت بتمريض الرسول حين اشتد به المرض.
أم أيمن (حاضنة الرسول ) هاجرت الهجرتين، وشهدت غزوة أحد وكانت تسقى الجرحى وتداويهم وقد استشهد زوجها فى إحدى المعارك.
أم سليم (والدة أنس ابن مالك) شاركت فى غزوات أحد وخيبر وحنين وكانت ترافق السيدة عائشة فى غزوة أحد وكانتا تنقلان المياه وتسقيان عساكر المسلمين وتداويان الجرحى.
روفيدة الأنصارية، وكعيبه الأنصارية قيل فى بعض الكتب أنهما أختان، وفى بعض الأخرى أنها شخص واحد لها اسمان، بايعتا الرسول بعد الهجرة واشتركتا فى الخندق وخيبر وكانت روفيدة أوكعيبه أول سيدة تعمل فى نظام أشبه ما يكون بنظام المستشفيات فى وقتنا هذا حيث اتخذت خيمة فى مسجد الرسول فى يثرب (المدينة المنورة) مكانا يأوي إليه والمرضى وكونت فريقا من الممرضات المتطوعات قسمتهن الى مجموعات لرعاية المرضى نهارا وليلا ولم يكن عمل روفيدة مقتصرا فى الحروب فقط بل عملت أيضا فى وقت السلم تعاون وتواسى كل محتاج.
أم سلمة رضي الله عنها زوج الرسول ، هاجرت الهجرتين واشتركت غزوات الحديبية وخيبر وحنين وكانت تسقى الماء وتداوى الجرحى.
أميمة بنت قيس الغفارية أسلمت وبايعت الرسول بعد الهجرة وفى غزوة خبير مع مجموعة أم سلمة تداوى الجرحى وتعين المسلمين.
أم زياد الأشجعية شاركت فى غزوتى خيبر وحنين وكانت تسقى وتداوى الجرحى وتناول السهام للمحاربين
أم حبيبه الأنصارية "نسيبه بنت الحارث" قيل أنها اشتركت مع الرسول فى سبع غزوات منها خيبر، وكانت تداوى الجرحى وتعد الطعام وتقوم على رعاية المرضى.
وبدلنا التاريخ على أن نشاط المرأة العربية المسلمة أستمر إلى ما بعد انتشار الإسلام خارج الجزيرة العربية فقد شهدت بغداد وقرطبة والأندلس نشاطا كبيرا من النساء اللاتي عملهن فى التطبيب وممارسته.
ففي أوائل الدولة الأموية كانت زينب "طبيبه بني أود" من الماهرات فى صناعة حالة ومداواة آلام العين والجروح وكانت تمرض النساء والرجال على السواء.
وكانت أخت الحقيد ابن زهر الأندلس وابنتها لهما دراية واسعة فى مداواة أمراض النساء كما كانت أم الحسن بنت القاضي أحمد الطنجالى من أهل الأندلس ملمة بعلوم كثيرة أبرزها الطب وقد درست حتى فهمت أسبابه وأعراضه.
وساهمت النساء فى مساعدة الطبيب فى عملة فقد جاء أن الزهراوي كان يقف خلف ستار خفيف ويعطى إرشاداته المناسبة للقابلات في الحالات العسرة.
يتبن لنا من هذا الاستعراض السريع لتاريخ التمريض في العصر الإسلامي ما يلي:
قيام المرأة الأجنبية بتمريض ومعالجة الأجنبي فى حالات الضرورة.
جواز تطوع الأنثى لخدمة الجيش وتمريض عناصره وجوب استئذان القيادة العليا للالتحاق بالخدمة بالجيش
جعل عملا لمتطوعات في مجموعات تقودها إحداهن.
توزيع الممرضات حسب كفاءتهن وخبرتهن على الأعمال المناسبة منهن.
اختيار الممرضات ذوات السيرة الحسنة، فقد كانت المتطوعات في غزوات الرسول من أمهات المؤمنين ونساء وأمهات الصحابة .
وبعد الفتوحات الإسلامية خارج الجزيرة العربية أنشئت في الإمبراطورية الإسلامية مدارس دينية بالمساجد تحولت إلى جامعات وأول مركز طبي كان في القرن التاسع عشر، والمراكز المهمة الأخرى كانت مصر والبصرة والكوفة وكل هذه الجامعات كانت تشمل المعامل والمكتبات، ووصل تأثير الثقافة العربية إلى أسبانيا وباريس وأكسفورد وشمال إيطاليا واستمر العرب روادا في العلوم لمدة ستة أجيال .
المصدر:
تاريخ فلسطين التمريضى